- +212700471929
- karkariya.africa@gmail.com
- Lun - Dim: 9:00 - 20:00
الورد هو سَرَيَانٌ نوراني ممتد من قلب الشيخ إلى قلب المريد يَشُدُّهُ به إلى حضرة من حضرات المعنى، فهو الحبل الممسك لدلو روحانية المريد حتى يُسْقَى من زلال بئر الشيخ. وهو النسيم الآتي من جهة اليمن الحامل لنفس الرحمن، وهو تَنَزُّلُ ماء الحياة من مُزْنِ السماوات الروحية للشيخ على الأراضي الجسمية للمريد. والورد وِدٌّ، والوِدُّ طبقة من طبقات القلب السبعين ألف بعدد الحجب التي بين الحق والخلق.
عن سهل بن سعد، قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن الله عز وجل دون سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، وما يسمع من نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا زهقت. المعجم الكبير للطبراني بَابُ السِّينِ مَنِ اسْمُهُ سَهْل. سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ رقم الحديث: 5666.
عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:” سألت جبريل عليه السلام هل ترى ربك؟ قال: إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو رأيت أدناها لاحترقت. المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ: مُحَمَّدٌ رقم الحديث: 6581.
وعن أبي هريرة، أن رجلا من اليهود أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أبا القاسم، هل احتجب الله عز وجل عن خلقه بشيء غير السموات والأرض؟ قال : ” نعم ، بينه وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابا من نار ، وسبعون حجابا من نور ، وسبعون حجابا من ظلمة ، وسبعون حجابا من در رفارف الإستبرق ، وسبعون حجابا من رفارف السندس ، وسبعون حجابا من در أبيض ، وسبعون حجابا من در أحمر ، وسبعون حجابا من در أصفر ، وسبعون حجابا من در أخضر وسبعون حجابا من ضياء استضاءها من النار والنور ، وسبعون حجابا من ثلج ، وسبعون حجابا من ماء ، وسبعون حجابا من غمام ، وسبعون حجابا من برد ، وسبعون حجابا من عظمة الله التي لا توصف ” ، قال : فأخبرني عن ملك الله الذي يليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” أصدقت فيما أخبرتك يا يهودي ؟ ” ، قال : نعم ، قال : ” فإن الملك الذي يليه إسرافيل، ثم جبريل ، ثم ميكائيل ، ثم ملك الموت صلى الله عليهم أجمعين .المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ مِقْدَامٌ رقم الحديث: 9178.
إن الورد هو أول أبواب الفتح للمريد، لأنه الأصل والمرجع، لذلك وجب الاعتناء به والمحافظة عليه، في الوقت فلا يؤخر إلا لعذر قاهر ووقته من بعد صلاة الصبح ومن بعد صلاة المغرب. ويكون الذكر بالحضور فهو حبل الصلة فمن قطعه فلا صلة له وقيل في المعنى “من لا ورد له لا وارد له”، فلا يُذْكَر الورد في أماكن الهرج وكثرة الحس والمفاتن، وإنما في غرفة خالية مع تغميض العينين واستحضار عظمة الحق. أما عن حكمه فحُكْمُهُ الوجوب في طريقتنا، يصاحب المريد إلى آخر نَفَسٍ في الحياة له عد ثابت وله صيغة ثابتة فلا زيادة ولا نقصان.
وفي الحكم، الوارد يوجد في الدار الآخرة، والورد ينطوي بانطواء هذه الدار وأولى ما يعتنى به ما لا يخلف وجوده، الورد هو طالبه منك، والوارد أنت تطلبه منه، وأين ما هو طالبه منك مما هو مطلبك منه. فالمريد الصادق هو الذي ينسلخ من إرادة نفسه ويفنى في إرادة شيخه والورد أول مقام لذلك، فيصبر على ما يرتبه له، ولا يطلب المزيد فقد يكون هلاكه في الزيادة وإذا كان لا بد من الطلب فليطلب الرضى فكل دعوة راجعة إليه. وقد كانت فتنة بني إسرائيل في طلب الزيادة فلم يصبروا على طعام واحد فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير من حيث لم يعلموا فنزلوا إلى مصر النفس وضربت عليهم ذلة الحرمان ومسكنة الغفلة. فأقم رحمك الله حيث أقامك مولاك، ورحم الله امرؤا عرف قدره ثم وقف دونه قال تعالى: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ، كن عبد الله لا عبد الوارد والمشاهدة، لا تقل لا لي ولا علي، فطلبك اتهام ونقص أدب. هَمُّ العارف الصدق في العبودية والقيام بحقوق الربوبية فكن عبدا خالصا لله لا شائبة فيك قال تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.
الورد أدب العبد والوارد مِنْحَةُ الرب والورد هو طالبه والوارد أنت راغبه فأين طلبك من طلبه. لازم أدب العبودية بتمام الخدمة فتمام الخدمة من شكر النعمة. الجنيد رضي الله عنه لم يترك أوراده في حال نزاعه فقيل له في ذلك فقال ومن أولى مني بذلك وهذه صحائفي تطوى فلم يترك الخدمة رضي الله عنه في مثل هذه الحالة فكيف بسواها. قيل له أن جماعة يزعمون أنهم يصلون إلى حالة يسقط عنهم التكليف قال وصلوا ولكن إلى سقر وقال في كلام آخر هذا كلام من يقول بالإباحة والسرقة و الزنا عندنا أهون حالاً ممن يقول بهذه المقالة ولقد صدق رضي الله عنه في قوله هذا فإن الزاني والسارق عاص بزناه وسرقته ولا يصل إلى حد الكفر وأما القائل بسقوط الفرائض المعتقد لذلك فقد انسل من الدين كانسلال الشعرة من العجين فعض على هذا الأصل بالنواجذ يا أخي ولا تسمع كلام من أخذ الحقائق من الكتب وصار يتكلم بالزندقة والإلحاد و إسقاط الأعمال على حسب فهمه وهواه قال صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به” وقال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله) فعليك بمتابعته صلى الله عليه وسلم ومتابعة السلف الصالح في الأقوال والأفعال والأحوال تحز مقامهم وتكن معهم فالمرء مع من أحب. ولا تستحقر الورد من حيث العدد فالمدد لا علاقة له بالعدد وإنما بالقلب الصافي من الأغيار المُطهر من الأكدار، فتسبيحة واحدة بالحضور والتعظيم خير من الآلاف المؤلفة بالغفلة والشهوة.
وفي الحكم “وُرودُ الإمْدادِ بِحَسَبِ الاسْتِعْدادِ وَشُروقُ الأنْوارِ عَلى حَسَبِ صَفاءِ الأسْرارِ. قال شيخ شيخنا مولاي العربي رضي الله عنه في بعض رسائله فإن قلتم أي وقت نكون (كالجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) قلنا إذا زهدتم في الدنيا بالكلية وقطعتم الإياس من الرجوع إليها بالكلية ثم اعتقدتم في شيوخكم أنهم كُمَّل وأنهم على قدم الأنبياء عليهم السلام من ورثة النبي صلى الله عليه وسلم فو الله العظيم لينزل عليكم المدد الليل والنهار والشهر والعام وفي كل وقت وساعة ولحظة حتى تمتلئ قلوبكم بمعرفة الله وتطمئن قلوبكم بذكر الله وتكونوا كالجبال الراسية هذا معنى كلامه باختصار رضي الله عنه .إيقاظ الهمم في شرح الحكم ابن عجيبة ص 222.