- +212700471929
- karkariya.africa@gmail.com
- Lun - Dim: 9:00 - 20:00
حَضْرَة: حضور، قُرْب الشيء.
رَقَصَ الشخص: اهتز وحرّك جسمه على أنغام الموسيقى أو الغناء.
رمز القلب الشُّعَيْبي الجامع للمظاهر الكونية والحقائق الإنسانية على بساط الشهود والقرب وكشف رداء الصون بتجلي أنوار القدم.
قال تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
قال تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا.
قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.
قال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.
قال تعالى: وَلَمَّا جَاءَ موسى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي، ولكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.
عن أنس قال: كانت الحبشة يَزْفِنُون بين يدي رسول الله ويرقصون ويقولون: محمد عبد صالح، فقال رسول الله: ما يقولون؟” قالوا
يقولون محمد عبد صالح.” مسند أحمد بن حنبل مُسْنَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّة. بَاقِي مُسْنَد المُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رقم الحديث: 12303.
عن علي رضي الله عنه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا، وجعفر، وزيد، قال: فقال لزيد:” أنت مولاي”، فحَجٍلَ، قال: وقال لجعفر: ” أنت أشبهت خلقي وخلقي ” ، قال: فحجل وراء زيد ، قال: وقال لي: ” أنت مني ، وأنا منك ” ، قال: فحجلت وراء جعفر .مسند أحمد بن حنبل مُسْنَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ مُسْنَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمِنْ مُسْنَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ رقم الحديث: 835
قال ابن حجر العسقلاني عند شرح الحديث: “وحجل بفتح المهملة وكسر الجيم أي وقف على رجل واحدة، وهو الرقص بهيئة مخصوصة.” فتح الباري لابن حجر العسقلاني7/583.
عن ابن عباس ، أن عمارة بنت حمزة بن عبد المطلب ، وأمها سلمى بنت عميس كانت بمكة ، فلما قدم رسول الله كلم علي بن أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: على ما نترك ابنة عمنا يتيمة بين ظهراني المشركين ، فلم ينه النبي عن إخراجها ، فخرج بها فتكلم زيد بن حارثة وكان وصي حمزة ، وكان النبي قد آخى بينهما حين آخى بين المهاجرين ، قال: أنا أحق بها ، ابنة أخي ، فلما سمع بذلك جعفر ، قال: الخالة والدة ، وأنا أحق بها لمكان خالتها عندي أسماء بنت عميس وقال علي: ألا أراكم تختصمون هي ابنة عمي ، وأنا أخرجتها من بين أظهر المشركين ، وليس لكم إليها نسب دوني ، وأنا أحق بها منكم ، فقال رسول الله: ” أنا أحكم بينكم ، أما أنت يا زيد ، فمولى الله ، ومولى رسول الله ، وأما أنت يا علي ، فأخي وصاحبي ، وأما أنت يا جعفر ، فتشبه خلقي وخلقي ، وأنت يا جعفر أولى بها تحتك خالتها ، ولا تنكح المرأة على خالتها ، ولا على عمتها ” ، فقضى بها لجعفر ، قال الواقدي: فلما قضى بها لجعفر قام جعفر فحجل حول رسول الله ، فقال رسول الله: ” ما هذا يا جعفر ؟ ” ، قال: يا رسول الله ، كان النجاشي إذا أرضى أحدا قام فحجل حوله ، فقال النبي: ” تزوجها فقال: ابنة أخي من الرضاعة ، فزوجها رسول الله سلمة بن أبي سلمة ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” هل جزيت سلمة. “دلائل النبوة للبيهقي الْمَدْخَلُ إِلَى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَمَعْرِفَةِ … جِمَاعُ أَبْوَابِ عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ بَابُ: مَا جَرَى فِي خُرُوجِ ابْنَةِ حَمْزَةَ بْنِ رقم الحديث: 1710.
عن قتادة، أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر، وعمر، وعثمان فرجف بهم، فقال: ” اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان. ” صحيح البخاري كِتَاب الْمَنَاقِب ِبَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو كنت متخذا خليلا رقم الحديث: 3423.
عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله وهو على المنبر، يقول.” يأخذ الجبار سماواته وأرضيه بيده، وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها، ثم يقول: أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟” قال: ويتمايل رسول الله عن يمينه وعن شماله، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله.” سنن ابن ماجه كِتَاب الزُّهْدِ بَاب ذِكْرِ الْبَعْثِ رقم الحديث: 4273.
قال عليٌّ كرَّم الله وجهه وهو يصِفُ أصحاب النبي:” لقد رأيت أثرا من أصحاب رسول الله فما أرى أحداً يُشبههم، والله إن كانوا ليُصْبِحون شعثا غبراً صُفراً، بين أعينهم مثل ركب المعزي، قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذُكِرَ الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم.” حلية الأولياء لأبي نعيم، 1/118.
عن أنس رضي الله عنه، عن النبي، قال:” ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار. صحيح البخاري كِتَاب الْإِيمَانِ بَاب حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ رقم الحديث: 15.
الحضرة إشارة من إشارات خلوة القوم وهي رمز لجمعية الأسماء في هوية الاسم الجامع الدال على الذات، وهي رمز القبضة الأبدية المتجلية بجمال الحق الأزلي لمن فتحت عين بصيرته بكاف كأنك تراه فصار الملكوت عنده ملكا والغيب شهادة، فتذوق لذة القرب واستنشق نسيم الوصل. اهتز جبل أحد طربا وشوقا وفرحا بوطء قدم الحبيب صلوات ربي وسلام عليه فرجف من هَيْبَة الجمال المحمدي حتى أمّنه الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه
روى أبو حميد الساعدي قال: أقبلْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من غزوةِ تبوكٍ، حتى إذا أشرفْنا على المدينةِ قال: “هذه طابةُ، وهذا أُحدٌ، جبلٌ يُحبنا ونحبُّه”. صحيح البخاري كِتَاب الْمَغَازِي بَاب نُزُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقم الحديث: 4097.
فتبين أن رجفة جبل أحد كان سببها الحب لا غير، فالاضطراب والتمايل إذن تجل من تجليات الإيمان.
وفي ذلك قيل:
لا تلوموا اُحداً لاضطراب….. إذ عـــــــلاه فالوجــد داءُ
أُحد لا يلام فهـو محــــبٌ….. ولكم أطرب المحب لقاءُ
والاهتزاز في الحقيقة تعبير عن هيجان أمواج الحب الناشئة عن برودة الغوص في بحر الشوق يصاحبها الرجف والبكاء والوجل والقشعريرة والصعق والغشي ونحو ذلك. ألا ترى رحمك الله إلى الحجارة تلقي نفسها من شاهق فتسقط من خشية الله فرحا وحبا وشوقا، قال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
كما أن مقامات الصوت لها علاقة خفية مع مراتب الروح لذلك كان الإهتزاز والتمايل أمرا فطريا عند سماع الصوت الحسن حتى عند الحيوان والجماد وما الجماد إلا من لا قلب له حتى يستشعر سريان المعنى فضرب لنا الحق مثلا قرآنيا في سورة الحشر لتقريب المعنى فقال عز من قائل: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
فإذَا كان الجبل على صلابته وتناهي قساوته وقُوَّتِه لو أُنزِل عليه القرآن لتأثر منه بالخشوع والتصدع، فكيف يكون الحال بالنسبة لقلوب القوم فحال القرب والوصل لا طاقة لأحد بدفعه حتى الجبال الرواسي ، ويحدثنا ابن تيمية في فتاويه عن هذا المعنى فيقول: : “لَمَّا سُئِل الإمام أحمد عن هذا، قال: قُرئ القرآن على يحيى بن سعيد القطان فغُشي عليه، ولو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى بن سعيد، فما رأيت أعقل منه، ونحو هذا وقد نقل عن الشافعي أنه أصابه ذلك، وعلي بن الفضيل بن عياض قصته مشهورة، وبالجملة فهذا كثيرٌ ممن لا يستراب في صدقه. ” مجموعة الفتاوى لابن تيمية11 /7.
ويتحدث أيضا تلميذه ابن القيم في مدارج السالكين عن الحال فيقول: “اختلف الناس في التواجد: هل يسلم لصاحبه؟ على قولين. فقالت طائفة: لا يسلم لصاحبه، لما فيه من التكلف وإظهار ما ليس عنده، وقوم قالوا: يُسلَّم للصادق الذي يرصد لوجدان المعاني الصحيحة كما قال النبي: (ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا). والتحقيق: أن صاحب التواجد إنْ تَكَلّفَهُ لِحَظٍّ وشهوة ونفس: لم يُسَلّم له. وإن تكلفه لاستجلاب حال، أو مقام مع الله: سُلِّمَ له وهذا يُعرف من حال المتواجد، وشواهد صدقه وإخلاصه. “مدارج السالكين لابن قيم الجوزية، 3/324
وقال أيضا: “لو فَرَضْت لذات أهل الدنيا بأجمعها حاصلة لرجل، لَمْ يكن لها نسبة إلى لذة جمعية قلبه على الله، وفرحه به، وأنسه بقربه، وشوقه إلى لقائه. وهذا أمر لا يُصدِّقُ به إلا من ذاقه، فإنما يُصدِّقُك من أشرق فيه ما أشْرَقَ فيك ولله در القائل
أيا صاحبي، ما ترى نارهــــم….. فقـال: تريـني مــــا لا أرى
سقاك الغرام، ولم يَـسْـقِني….. فأبصرتَ ما لم أكن مبصرا.
ويؤكد ذلك الإمام الغزالي حجة الإسلام وهو يتحدث عن الوجد حيث يقول:” وذلك يكون لفرحٍ أو شوق فحُكْمُهُ حُكم مُهيِّجه، إن كان فرحه محموداً والرقص يزيده ويؤكده فهو محمود، وإن كان مباحاً فهو مباح، وإن كان مذموما فهو مذموم.” إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي2/384
كما ذكر القاضي عياض في كتاب الشفا عن إمامنا مالك رحمه الله قال كان: “إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. “الشفا للقاضي عـياض، باب تعظيمه () بعد موته، ص289
وقال الإمام السيوطي: “وقد صح القيام والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبار الأئمة منهم شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام.” الحاوي للفتاوى للسيوطي ج2/ص222-223
ويحدثنا سيدي أحمد الرفاعي قدس الله سره في كتابه البرهان المؤيد عن أقسام الوجد قائلا
أنتم تذكرون الله في هذا الرواق وتتواجدون وتهتزون، فيقول الفقهاء المحجوبون رقص الفقراء، ويقول العارفون، رقص الفقراء، فمن كان منكم وجده كاذباً وقصده فاسداً، وذكره من
اللسان مع طمح الطرف إلى الأغيار ، فهو رقاص كما قال الفقهاء … ومن كان منكم وجده صادقاً وقصده صالحاً عملاً بقوله تعالى: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أولئك الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وأولئك هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ، وكان من الذين إذا سمعوا القول قصدوا المراد من القول ، وهو الإجابة لداعي الله في الأزل ، كما قال تعالى فيهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى فسمع من سمع بلا حد ولا رسم ولا صفة ، فثبتت حلاوة السماع فيهم بتردد ، فلما خلق الله تعالى آدم وكونه وأظهر ذريته إلى الدنيا ، ظهر ذلك السر المصون المكنون فيهم ، فإذا سمعوا نغمة طيبة ، وقولاً حسناً طارت همم إلى الأصل الذي سمعوه من ذلك النداء ، وأولئك هم العارفون بالله تعالى في الأزل المتحابون فيه ، المتزاورون لأجله ، الذاكرون المهيمون به عن غيره ، فذلك الفقير يقال له ذاكر رقص روحه وصحت عزيمته ، وكمل عقله وابيضت صحيفته ، وأخذ من السماع الحظ المكنون ، ونُشر السر المطوي فيه ، لأن السماع موجود سره في طبع كل ذي روح يسمع ، وكل جنس يسمع بما يوافق طبعه ، ويفهم من السماع ما تنتهي إليه همته . أما ترى الطفل إذا سمع الحدوَ طرب ونام، والجمال إذا حداها الحادي سارت ونسيت حمل ألم الثقل … هذا أساس مقاصد العارفين في السماع والتواجد، وهذا العطاء ما هو بالرقص المحرم كما يزعم بعض الجهلاء من ممقتي الفقراء.. هذا العطاء يحصل لرجل يملك خاطره، ولا يجول بقلبه وسواس.” الشيخ أحمد الرفاعي البرهان المؤيد ص 52 / 54
كان الصحابة رضوان الله عليهم وهم أكمل الناس حالا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تطرأ عليهم أحوال في ذكر الله فهذا عمر وما أدراك ما عمر قرأ قوله تعالى: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ فَرَبا لها ربوةً عِيدَ مِنها عشرين يوما ونختم بشرح سيدي ابن عجيبة على كتاب المباحث الأصلية لابن البنا السرقسطي وأنقله كاملا لفائدته فقد أحسن في هذا الباب وأجاد رضي الله عنه كعادته
قال رضي الله عنه:
وللأنام في السماع خوض….. لكن لهذا الحزب فيه روض
قال العراقيون بالــــتحـريم ….. قال الحجازيون بالتسلـيم
قلت: الخوض في الأصل هو الدخول في الماء، ولما كان الغالب على الماء التغير بالخوض فيه، صار يطلق على الدخول في الأمور المشكلة الملتبسة لكثرة الخوض فيها، والروض معلوم يجمع على رياض، وهو مكان النزهة والفرجة يقول رحمه الله: للناس في السماع خوض كبير في منعه وجوازه، لكن لهذا الحزب (وهي جماعة الصوفية) التي هي حزب الله نزهة وخمرة يجدونها في قلوبهم وأسرارهم، ولذلك لما سئل الجنيد عن السماع قال: كل ما يجمع القلب بالله فهو جائز، أو ما هذا معناه ثم ذكر الخلاف، فأخبر بأن العراقيين قالوا بالتحريم، والمراد بهم الحنفية ومن تبعهم وأهل الحجاز قالوا بالتسليم أي الإباحة أو الوقف، والمراد بهم مالك والشافعي ومن تبعهم فقد روى أبو معصب أن مالكا سئل عن السماع فقال: لم يبلغني فيه شيء إلا أن أهل العلم ببلدنا لا ينكرونه، ولا يقعدون عنه ولا ينكره إلا غبي جاهل، أو ناسك عراقي غليظ الطبع. قلت: لا يَشُك عاقل أن الأصل في السماع هو الجواز، بدليل قضية الجواري اللاتي كن يغنين ويضربن بالدف يوم العيد، والرسول عليه الصلاة والسلام حاضر. وقال أبو عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كانت عندي جارية تسمعني فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على حالها، ثم دخل عمر ففرت، فضحك، فقال: ما يضحكك يا رسول الله، فحدثه فقال: لا أخرج حتى أسمع مما سمعه رسول، فأمرها فأسمعته قلت: وذكره التجيبي أيضا بهذا اللفظ ثم قال السلمي. وسئل ذو النون عن السماع، فقال: وارد حق يزعج القلوب إلى الحق، فمن أصغى إليه بحق تَحَقَّق ومن أصغى إليه بنفس تزندق. قال السري: تطرب قلوب المحبين إلى السماع وتخاف قلوب التائبين، وتكتئب قلوب المشتاقين. وقيل: مثل السماع مثل الغيث إذا وقع على الأرض المجدبة فتصبح مخضرة، كذلك القلوب الزكية تظهر مكنون فوائدها عند السماع، وقيل يحرك ما ينطوي عليه القلب من السرور والحزن. والرجا والشوق، فربما يخرجه إلى البكاء، وربما يخرجه إلى الطرب. وقيل: السماع فيه حظ لكل عضو، فربما يبكي وربما يصرخ، وربما يصعق وربما يرقص، وربما يغمى عليه. وقيل: أهل السماع ثلاثة: تائب، وصادق، ومستقيم
وقيل: المستمعون ثلاثة: مستمع بربه، ومستمع بقلبه، ومستمع بنفسه. وقيل: يحتاج المستمع إلى ثلاثة: دقة، ورقة، وحرقة مع فناء الطبع ودخول الحقائق، ولا يصح السماع إلا لمن فنيت حظوظه، وبقيت حقوقه وخمدت بشريته ثم قال: فكذلك السماع يؤثر على مقدار صفاء الباطن وقوة الوارد. قال بعض المشايخ: لا يصح السماع إلا لمن كان قلبه حيا ونفسه ميتة، فأما من كانت نفسه حية وقلبه ميتا، فلا.
حكى عن بعض الأبدال أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ما تقول في السماع الذي عليه أصحابنا، فقال: هو الصفاء الذي لا يثبت عليه إلا أقدام العلماء، انتهى المراد منه وقد أشبع الكلام فيه ابن ليون التجيبي في الإنالة، قال فيها: فاستماع الشعر لا ينكره إلا جاهل بالسنة، ثم قال: وقال صالح بن أحمد بن حنبل: إنه رأى أباه يستمع من جاره غناء كان في بعض ديار جيرانه، ثم قال: وعن أنس كنا عند النبي إذ نزل عليه جبريل فقال: يا رسول الله فقراء أمتك يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، وهو نصف يوم ففرح فقال: أفيكم من ينشدنا, فقال بدري نعم يا رسول الله فقال: هات فأنشد البدري يقول:
قد لسعت حية الهوى كبدي….. فـــلا طبيب لها ولا راق
إلا الحبيب الذي قد شغفت به….. فعنده رقيتي وتريـاقي
فتواجد عليه السلام وتواجد أصحابه معه، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فلما فرغوا أوى كل واحد إلى مكانه فقال معاوية ما أحسن لعبكم يا رسول الله فقال: مه مه يا معاوية ليس بكريم من لم يهتز عند ذكر الحبيب، ثم اقتسم رداءه من حضرهم بأربعمائة قطعة، وذكره المقدسي والسهروردي، وتكلم الناس في هذا الحديث. قلت: والتحقيق في السماع هو التفصيل فأما أهل الحقائق فلا شك في جوازه لهم، أو استحبابه على ما يأتي، ومستندهم ما تقدم، وأما أهل الشرائع فإن خلا المكان من النساء أو الشبان فهو حرام سدا للذريعة، والله تعالى أعلم.
وإلى هذا التفصيل أشار بقوله فقال:
وإن للـــــــشيوخ فـيه فنـا….. إذ جعلوه للطريق ركــــــنا
وإنــــــــــــمـا أبيـح للزهـاد….. وندبه إلى الشيوخ بــــــاد
وهو على العوام كالحرام….. عند الشيوخ الجلة الأعلام
قلت: أشار رحمه الله إلى أن السماع فيه للشيوخ العارفين فنون، وزيادات ومواجيد وأحوال وواردات فلذلك جعلوه ركنا يأوون إليه، ولا يعتمدون عليه لأنه رخصة الضعفاء منهم، كما يأتي. وأما الأقوياء فلا يحتاجون إليه وقد سئل الجنيد رضي الله عنه عن السماع: أمباح هو؟ فقال: كل ما يجمع العبد على ربه فهو مباح وقد تقدم والتحرير: هو التفصيل، كما ذكره الناظم فقسم مباح، وقسم مندوب وقسم حرام، فهو للزهاد مباح، لأن نفوسهم ماتت عن الشهوات والمستلذات، فلا ضرر لهم فيه حتى يحرم، ولا نفع لهم فيه حتى يندب، إذ لم يبلغوا رتبة التحقيق والذوق. وللشيوخ العارفين مندوب، لأنه يثير فيهم الوجد والوارد حتى ينشر ذلك في عوالم الأجساد، وتتسع ميادين الحضرة، فيكون للحضار منها نصيب، لأن من تحقق بحالة لم يخل حاضروه منها. وكل ما أفضى إلى الكمال فهو كامل،وعلى العوام حرام، أو كالحرام، لأنه ينشر فيهم الشهوات والمعاصي، ويحرك عليهم الطباع الرديئة والعوائد الدنيئة، فإذا انتفت هذه العلل كان مباحا، إلا أن حضره أهل الفساد، فيمنع مطلقا سدا للذرائع، وإنما حرم على العوام لأن الغنا مرقاة الزنا، وأنه ينبت النفاق في القلب. وقالوا أيضا: السماع راح، تشربه الأرواح، بكؤوس الآذان، على مغاني الألحان، ولكل امرئ ما نوى (ماء زمزم لما شرب له) وهذا وما سمع له. وقالوا أيضا: من سمع بتزندق تزندق، ومن سمع بتحقق تحقق، وإذا ذكر الهوى فلكل امرئ ما نوى. وكان بعضهم يقول: أنتم غنوا كما تحبون، ونحن نسمع كما نحب، وبالله التوفيق. “الشيخ أحمد بن عجيبة – الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية –ص183 …186
قال سيدي أبو مدين قدس الله سره:
فـــقل للذي ينهى عــــــن الوجد أهله….. إذا لم تذق معنى شراب الهــوى دعنا
إذا اهـــتزت الأرواح شـــوقا إلى اللقا….. ترقصت الأشباح يا جاهل المعنــــــــــــــى
أمــــا تـــنظر الطير المقفص يـــا فتى….. إذا ذكر الأوطان حنّ إلى المغنــــــــــــى
يـــــــــــفرج بـــالتغريد مــــا بــــــفؤاده….. فتضطرب الأعضاء في الحس والمعنـــــى
ويرقص في الأقفاص شوقاً إلى اللقا….. فتهتز أرباب العقول إذا غنّــــــــــــــــــــــى
كـــــــــــذلك أرواح المحبين يــــــا فتي….. تهزهزها الأشواق للعالم الأسنــــــــــــى
أنُـــلْزِمُهاَ بـــــالصَّبْرِ وَهْيَ مَــــشُوقَةٌ….. وهلْ يستطيعُ الصّبْرَ مَنْ شاهَد اَلْمَعْنَى؟